إجراء الحوار
- مروة عفيفي. - إيمان مرجان.
في البداية نرحب بالدكتور جمال زهران ونتشرف أن يكون سيادته ضيفًا عزيزًا على جريدة عيون مصر.
بعرضٍ سريعٍ لتاريخ سيادتكم سنرى أنك ولدتَ بمدينة بهتيم شبرا الخيمة عام 1955م، تخرجتَ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سنة 1977م، حصلتَ على درجة الماجستير في 1983م بعدها حصلت على الدكتوراه ف 1988م .
عملت كأستاذ زائر بعدة جامعات أمريكية مثل: (جورج ماسون ــ وميريلاند ــ جورج تاون ـــ وجون هوبكنز ـــ وجورج واشنطن بواشنطن)، كما تشغل الآن منصب أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد ” قناه السويس سابقًا”.. هذا بالإضافة إلى كونك رجل سياسة وواحد من أهم القادة بالتيار الشعبي الذي يتزعمه السيد “حمدين صباحي”.
- دعنا في البداية نبدأ بالسؤال الذي يشغل بال الكثير من المصريين وهو وضع الاقتصاد المصري، الوضع الاقتصادي لمصر الآن محط أنظار الجميع نظرًا لتدهوره ورغم هذا فالنظام والحكومة ترفض الاعتراف بذلك وقد ظهر هذا في خطاب الرئيس محمد مرسي الأخير .. ما رأيك في هذا؟!! وماهى آليات الخروج من تلك الأزمة؟!!
الوضع الاقتصادي لمصر في غاية السوء وهذا عائد لفشل الحكومة سواء الحالية أو السابقة في إدارة البلاد، كما أن النظام وعلى رأسه بالطبع الدكتور مرسي شغلوا أنفسهم بالصراعات السياسية على حساب مصلحة البلد؛ فجماعة الإخوان تتعامل مع مصر من منطلق أنها فصيل داخل منظمة الإخوان الدولية وليس كوطن مستقل، وهم في ذلك غلبوا نظام مبارك في خداع الشعب فمثلًا عندما نجد الدكتور مرسي يتحدث في خطابه الأخير قائلًا أن اقتصاد مصر بخير وأن مَن يتحدث عن إفلاس مصر هم المفلسون فتفسير هذا أن مرسي رئيس مُغيَّب أو مخادِع لشعبه، والدليل هو البيان الذي صدر بعدها بيوم من البنك المركزي ووضح فيه أن الصورة عكس ما ذكر دكتور مرسي، ثم يأتي هو ويقول أن هناك احتياطي أجنبي 15,5 مليار دولار ولكنه لم يذكر أنه عند تنحي مبارك كان احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي هو 45 مليار دولار هذا بالإضافة إلى ما تم الوصول إليه من مبلغ قدره 9.5 مليار دولار كانوا في حساب آخر تابع للرئيس السابق مبارك، وكان له حق التصرف فيه وحده، وبحسبة بسيطة نجد أن مصر خلال الفترة الانتقالية فقدتْ 39 مليار دولار من احتياطي النقد الأجنبي.. وهذه كارثة مع العلم أن مبلغ 15,5 مليار المتبقي داخله قيمة احتياطي مصر من الذهب، إذن فنحن في طريق الإفلاس فعلًا؛ ولهذا طلب الدكتور مرسي طباعة ورق بنكنوت إلا أن محافظ البنك المركزي رفض لأن النتيجة الطبيعية لهذا القرارهو التضخم اللاقتصادي.
ولكن لو تحدثنا عن الحلول للأزمة الاقتصادية فهي تتمثل في فرض ضرائب مركبة على الأغنياء؛ لأنهم وحدهم من استفادوا من النظام السابق والحالي أيضًا، فمثلًا عندما نجد “حسن مالك” يسعى لشراء نصيب الحكومة وهي 25% من شركة فودافون، أو “خيرت الشاطر” الذي يسعى هو الآخر لامتلاك الرخصة الرابعة لشبكات المحمول، هل هؤلاء يُفرَض عليهم ضرائب مثل الموظف العادي؟؟! بالطبع لا لأنهم مستفيدين أكثر من المواطن البسيط، علينا أيضًا أن نفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية التي لن تأتي إلا بعد الاستقرار السياسي الذي ننشده جميعًا، وعلى الحكومة أن تنفذ أحكام القضاء التي قضت بإعادة شركات القطاع العام التي تم بيعها أيام نظام مبارك، أنا أجهل السبب الذي يجعل الحكومة تتباطيء في تنفيذ الأحكام بالرغم من حكم القضاء ببطلان البيع الأول، هذا وإن دل فإنما يدل على تخاذل نظام الإخوان الذي يُعتبَر امتدادًا لنظام مبارك، وحكومة قنديل التي تضم 7 وزراء من صفوف الحزب الوطني.
- على ذكر حكومة قنديل ما رأيك في استقالة الكثيرمن المسئولين الذين تعاونوا مع حكومة ونظام دكتور مرسي ومنهم مؤخرًا دكتور محمد محسوب؟!!
لقد حذرت العديد من الشخصيات من التعامل مع الإخوان المسلمين فطرق التعامل مع النظام الحالي مختلف وغير مريح ودائمًا هناك أسرار ودسائس ومن ضمن الأشخاص الذين حذرتهم الأستاذة “سكينة فؤاد” والسيد “عصمت سيف الدولة”، قلت لهم أنتم لن ترتاحوا في التعامل مع نظام الإخوان وستشعرون أنكم مجرد برواز مطلوب وجود أسمائكم في الصورة ليختبئوا هم وراءه، وإذا نظرنا للأمر في النهاية سنجد أنهم استقالوا، أما “محمد محسوب” وهو صديق وزميل عزيز فقد أخد رأيي قبل الاستقالة ووافقته وكان سبب استقالته أنه شعر أن هناك تناقض بين ماهو مؤمن به وما هو موجود بالفعل على أرض الواقع وهذا سبَّب له إحباط دفعه إلى الاستقالة.
- بعد تمرير الدستور هناك مناقشات الآن في مجلس الشورى حول مشروع قانون انتخابات مجلس الشعب وتحديد نسب القوائم والفردي فما رأيك؟!! وهل ستخوض الانتخابات؟!!
في البداية هذا الدستور باطل وجميعنا يعلم هذا كما نعلم التجاوزات التي شابت عملية الاستفتاء ،وما بُنِي على باطل فهو باطل، وكيف يناقش مجلس الشورى مشروع قوانين وهو نفسه مجلس باطل عزف المصريين عن انتخابه حيث لم يشارك في الانتخابات وقتها غير 7% فقط من الشعب المصري ولا يحق لمن انتخبهم 7% فقط أن يشرِّعوا قوانين للمصريين، وحتى عندما قام “مرسي” بتعيين 90 عضو جدد أكثر من نصفهم من التيارات المتأسلمة وأنا مُصرّ على كلمة متأسلمة لأنهم لا يمتون للإسلام بصلة وباقى الـ90 يُحسبون على نفس التيار أو من أعضاء الجمعية التأسيسية، وأنا كأستاذ للعلوم السياسية أرى أن هذا “عك”.
أما خوضي الانتخابات فهذا لم أحسمه بعد ولكن إذا تم اتفاق بين الأحزاب في جبهة الإنقاذ على خوض الانتخابات سأرشح نفسي ولكن بشرط أن يكون هناك إشراف قضائي كامل على الانتخابات وهنا أقف على كلمة القضاء، فلا يجوز التغول من السلطة على القضاء ولا محاصرة المحاكم لتعطيل العمل بها كما حدث أمام المحكمة الدستورية وهو على مرأى ومسمع من الحكومة، فإن قضاء مصر شامخ وسيظل ملاذ للمصريين.
- هل ترى أن أخطاء الإخوان ساعدت في دعم مصداقية القوى السياسية المدنية لدى المصريين؟!!
لا تُحسَب الأمور بهذه الطريقه فمعنى هذا أننا نُهمِّش دور المعارضة، لكن الكذب المتكرر للتيار المتأسلم ساعد في هبوط أسهم مصداقيتهم لدى الشعب وهذا واضح في المقارنة بين نتيجة الاستفتاء على الدستور حاليًا ونتيجة الاستفتاء الأول على الإعلان الدستوري حيث سنرى تقدم ملحوظ في المعارضة سواء مَن قالوا لا أو مَن قاطعوا بالإضافة إلى أن نبرة الحديث باسم الدين اختفت نوعًا ما في الاستفتاء على الدستور فالشيوخ لم يكفِّروا مَن يقول”لا” كما فعلوا في الاستفتاء الأول.
- هناك اختلاف كبير بين مسمى المعارضة وقت حسني مبارك ومسمى المعارضة الآن فما تعليقك؟!!
لا يوجد فرق كبير، أنا كنتُ من المعارضين في نظام مبارك وكنتُ من أوائل المعارضين الذين كشفوت مشروع التوريث وقابلتني معوقات كثيرة سواء تضييق أو إلقاء الاتهامات عليَّ على اختلاف صورها، لكن لم يكن هناك مَن يقول على المعارضة إنها كافرة كما هو الحال الآن، فعلاقة العبد بربه علاقه خاصة ولا يجوز لأحد وصفها أو التدخل فيها وجميعنا مؤمنين والحمد لله، لكن ما يضايق هو وجود قنوات كثيرة انشغلت بالسب والتلفيق وتخوين وتكفير المعارضة فقط، لكن أنا لم يعد يهمني هذا الأمر مطلقًا لأنى لا أخشى في قول الحق لومة لائم.
- بصفتك دكتور في العلوم السياسية وتدرِّسها لطلبة الجامعة هل ترى أن بذرة الانقسام دبت في شباب الثورة مثلما حدث بين السياسيين على الساحة؟!!
الشباب هم صانعي ثورة 25 يناير ولكن تم محاولة تفكيكهم على أشكال أحزاب ضعيفة وائتلافات متنافرة فكريًّا كي يُخمِدوا نار الثورة داخلهم ولكني أرى أن الشباب بدأ يفيق من كل هذه المهاترات وهم مَن سيقود الموجة الثالثة من الثورة مثلما قادوا ما قبلها.
- هل ترى أن المحاكمات التي تمت لرموز النظام السابق كافية؟!!!
بالتأكيد لا كما أن مَن تم تقديمهم للمحاكمة من الصف الأول فقط وبعض الأشخاص من الصف الثانى لكن هناك آلالاف من الفاسدين تابعون للنظام السابق لم يقدَّموا للمحاكمة وليس شرطًا أن يكونوا في لجنة السياسات أو في الحزب الوطني.
هناك شىء آخر أين الأشخاص الذين قاموا بتزوير انتخابات مجلس الشعب 2010م ولماذا لم تتم محاكمتهم مع أنهم شركاء في الفساد؟؟!
وأنا عندي حكاية غريبة حدثت بسبب هذا الموضوع، في آخر جلسة لمجلس الشعب قال لنا د/ فتحي سرور “والله هتوحشونا” وبعدها قابلته وسألته “تقصد إيه إننا مش جايين تاني لو اترشحنا؟!”، فرد وقال لي “لأ” وإن خلاص القرار صدر باستبعاد كل المعارضين، ومع ذلك خضت الانتخابات وساعدني فيها كل الشباب من أبناء دائرتي، وطبعًا سقطت في الانتخابات بالتزوير ونجح مرشحي الحزب الوطني، بعد الثورة وأنا أقف على المنصة في ميدان التحرير وجدت شخص يريد الحديث معي ويلح في ذلك وقابلته وفوجئت أنه طلب مني أن أسامحه وسألته عن ماذا فأنا لا أعرفك فحكى لي أنه كان ممن وقعوا على محاضر الفرز المزورة وبأني كنت ناجح لكنه زوَّر لمصلحة مرشح الحزب الوطني، وسيعود أعضاء الوطني مرة أخرى لأن قانون العزل لن يمنعهم فهو قانون مشوه ولن يستطيع منع دخول فلول الحزب الوطني للمعترك السياسي مرة أخرى.
- بعد عامين تقريبًا من ثورة 25 يناير..تفتكر الثورة جنت ثمارها؟!!
لا أرى أن الثورة جنت أي ثمار هى جنت شهداء فقط؛ لأن طول الفترة الانتقالية كان هناك مثلث يمثل أضلاعه “الأمريكان – الإخوان – المجلس العسكري” ، جميعنا يعلم ان أمريكا يجب أن تكون راضية عن الرئيس المصري الذي سيتم انتخابه لتضمن سلامة إسرائيل لهذا عقد الإخوان صفقات متتالية مع الأمريكان ولكن الصفقة الأهم كانت مع المجلس العسكري والتي بدت واضحة في أكتر من مشهد منها الاستفتاء الأول في مارس 2011م والذي لعب فيه الإخوان دورًا كبيرًا في حشد الناس على أساس ديني “جنة ونار ــ غزوة وصناديق” مثلما كنا نسمع وقتها، بالطبع نجحت الخدعة وأنكر بعدها الإخوان المسلمين وجود صفقة بينهم وبين المجلس العسكري إلى أن أعلن على لسان “صبحي صالح” أنه بالفعل كان هناك صفقة بين الإخوان والمجلس العسكري، وذكر أنهم أتوا بالمستشار “طارق البشري” وأملوا عليه ما يريدون كتابته في الإعلان الدستوري لهذا كانوا يحشدوا الناس لـ”نعم”.
والخدعة الثانية تمثلت في الحديث عن مشروع النهضة الذي اتضح في النهاية أنه ” فنكوش”، الإخوان أنفسهم قالوا على لسان “خيرت الشاطر” أن الإعلام هو الذي قام بتضخيم المشروع بالإضافة إلى خطة الـ100 يوم التي أقروها ولم يتحقق منها أي شيء، اليوم مر مائتي يوم وانفرد الدكتور مرسي بالحكم وتخلص من المجلس العسكري الذي كان يعلق عليه فشله ومع ذلك لا جديد على العكس الأمور تسير من سيء إلى أسوأ.
- في الخطاب الأخير لدكتور مرسي تحدث عن حوار وطني يضم كل الفصائل السياسية وأكد أنه سيرعاه بنفسه فهل تقبل جبهة الإنقاذ؟!!
كيف يكون هناك حوار بعد ما حدث من تمرير لدستور باطل وقتل للمصريين أمام الاتحادية وتخوين للرموز الوطنية داخل وخارج جبهة الإنقاذ، جماعة الإخوان جماعة متجبرة تريد الاستحواذ على كل شىء مجلس شعب ومجلس شورى وحكومة.
- تم ترشيحك في حكومة الجنزوري لتكون وزيرًا للتعليم العالي ولكنك رفضت فهل إذا تم تجديد الترشيح الآن ستوافق؟!!
أنا تم ترشيحى في حكومة الجنزوري وحكومة عصام شرف في عدة وزارات منها وزارة الشباب والتعليم العالي وغيرها ولكني رفضتها جميعًا، وحتى إذا تم ترشيحى الآن سأرفض لأني أرفض أن اكون وزيرًا تحت مظلة جماعة الإخوان المسلمين والتي يشغل معظم مقاعدها فلول النظام السابق، ولكني أوافق في حالة واحدة أن تكون حكومة إنقاذ وطني بها الفصائل السياسية وتكون قائمة على كفاءات.
سؤال أخير قبل أن ننهي حديثنا معك، منذ فترة تم اتهامك في بعض الصحف بدعم المد الشيعي لمصر بعد زيارتك لإيران مرتين، ما ردك على هذا الاتهام؟!! ولماذا زرت إيران مرتين؟!!
” صلي على رسول الله” عندما أستمع لهذا الكلام أضحك والله أولًا أنا مسلم سني فليس معنى أني زرت إيران مرتين أنني أصبحت شيعيًا، الأزهر الذي بناه الفاطميون الشيعة ظل سني ولم يتغير وأصبح مرجع للمسلمين جميعًا، أنا زرت إيران مرتين الأولى كانت ضمن وفد مكون من 45 شخصية سياسية وحزبية بالإضافة إلى مجموعة من الصحفيين وهدفت الزيارة لعودة العلاقات بين مصر وإيران وقد قمت في هذه الزيارة بإلقاء كلمة الوفد أمام الرئيس الإيراني “أحمدي نجاد”، أما الزيارة الثانية كانت ضمن وفد سافر لدعم القضية الفلسطينية، ثم أن الذي أثار هذا الاتهام في الصحف هو “مجدي الجلاد” على صفحات جريدة الوطن وكان هذا بسبب خلاف شخصي بيننا لأني وقفت أمام مقالاته التي كانت مع التوريث لجمال لذلك أراد أن ينتقم مني وعندما قرأت ما كتبه عني أرسلت له رد وهذا من حقي قانونًا، لكنه لم ينشره.
في النهاية نشكر الدكتور “جمال زهران” على ترحيبه بنا وتعاونه معنا وإجابته على جميع أسئلتنا برحابة صدر، متمنيين أن تسير الأمور بمصر إلى الأمام وأن يحيا المصريون بكرامة وحرية وعدالة اجتماعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق