الأربعاء، 16 يناير 2013

العيـــــــــــــــش يــاأم أحــمد …


هناك أشياء تمثل فلكلوراً خاصاً بالمصريين وحدهم دون غيرهم .. أشياء أساسية وبديهيه فرضتها عليهم ظروف الحياه ولم يجدوا مفر منها فاضطروا للتأقلم معها , والتعامل معها على أنها من الاشياء التى لا يستطيعون الإستغناء عنها , بل أعادوا ترتيب حياتهم مرة أخرى حتى تتناسب مع المعطيات والمستجدات الجديدة .
طوابير العيش فى مصر أصبحت واحدة من أشياء كثيرة فلكلوريه يقدم لها المصريون كل يوم فروض الولاء والطاعه ويقفون طويلاً .. طويلاً, طوابير كثيرة ما بين  أنابيب وعيش وجمعيات ومعاشات …. الخ , وحديثنا هنا عن طوابير العيش التى يبتلى بالوقوف بها كل من لا يملك القدرة على شراء رغيف الخبز السياحى والذى تبلغ تكلفته ” 25 قرش ” ويلجأون إلى مخابز الخبز المدعم المنتشرة على أرض الوطن ليلاقوا فيها ما يلاقوا ..!!
عيون مصر نزلت إلى إحدى مخابز العيش المدعم بمنطقة الوايلى بالقاهرة وتحديداً شارع ” ترعه الجندى ” ….. عندما اقتربت من المخبز وجدت اصوات الجميع تهتف مناديه على امراة وهى ” أم أحمد ” ويصرخون فيها كثيراً ” العيــــــش يـاأم أحمـــد ” وام احمد هذه واحدة من خمسه افراد يعملون بالمخبز ويظهرون لمن يقف فى الطابور ,,, لم يكن المخبز مزدحماً كما تصورنا فعدد الأفراد ذوو الحظ العاثر الذى قادهم إلى مخبز الخبز المدعم لم يتعدى 30 فرداً ما بين امراة عجوز وشاب وحتى الأطفال حجزوا أماكنهم فى الطابور القصير الذى لا يسير أبداً ولا يتقدم خطوة واحدة للأمام ولا أحد يدرى السبب تحديداً .


أحد ساكنى الطابور وهى الحاجة ” أم نهله ” تحدث إلى عيون مصر … نعم تسكن الطابور فالطابور هنا يمثل نوع من أنواع العشرة والود بين سكانه فمن السهل تكوين الصداقات فى الطوابير الطويلة التى لا تسير كطابورنا هذا , الحاجة ” ام نهله ” قالت المخبز يعمل على فترتين تبدأ الفترة الاولى من السادسه صباحاً حتى الثانيه عشرة ظهراً وتبدأ الفترة الأولى من الواحدة ظهراً وحتى الواحدة صباحاً وكما ترين الطابور ولا يتحرك وأنا لا أستطيع الوقوف طويلاً فقدماى تؤلمانى كثيراً وعندما أطلب من أحد العاملين بالمخبز ان يعطينى عشرة أرغفة فقط أقضى بهم حاجتى لأرحل سريعاً بسبب مرضى وكبر سنى لا يجيبنى أحد وقد أضطر إلى الوقوف ساعات حتى أحصل على العشرة أرغفه التى أحتاجها يومياً .
الأستاذ ” على عبد الغنى ” تحدث هو الأخر لعيون مصر وقال العاملين بالمخبز ” بالهم طويل أوى ” ولا يقدرون كبار السن ولا صغار السن ولا أى أحد والطوابير لا تسير مثلما يجب أن تسير فغالبيه الخبز الذى يخرج من الفرن يخرج للمعارف والأصدقاء وللعاملين بالمخبز أما المواطن أو المواطنه أو الطفل الذى ينتظر فى الطابور الطويل لا يأخذ شيئاً إلا بعد الخناق والصراخ والعويل أمام الفرن , أضاف الأستاذ ” على ” أن هناك ساعه فى كل وردية من ورديات المخبز لا يخرج فيها خبز مطلقاً تخصص هذه الساعه لعمل خبز للعمال بالمخبز حيث يقومون بتهدئه سرعه السير حتى ينضج الخبز جيداً ويصبح وجهه أحمر ويقف شخص منهم فى أول السير ويقوم بجمع الخبز كله ويتم تهويته جيداً ويتم توزيعه على العمال بالمخبز وعلى معارفهم وذوويهم ولا ينوب الواقفين فى الطالبور منه شيئاً , ونضطر إلى الانتظار حتى تمر الساعه زادت أو قلت حتى يكتفوا بالخبز الخاص بهم , بعدها يقوم أحد العاملين بالمخبز بإعادة سرعه السير كما هى ليخرج العيش فى معظم الأوقات إن لم يكن أغلبها غير ناضج أو نصفه ناضج ونصفه محروق أو بدون وجه من الأساس , وعندما سألته هل يقوم الفرن بتهريب الدقيق أو بيعه فى السوق السوداء أجابنى أن هذا المخبز على الرغم من العذاب الذى نجده يومياً فى طوابيره التى لا تنتهى إلا أنه المخبز الوحيد فى المنطقه الذى لا يقوم ببيع الدقيق فى السوق السوداء وأغلب الواقفين بالطابور أيضاً أجمعوا أن هذا المخبز لا يبيع الدقيق لكن المعارف والأصدقاء والحبايب و ” الألاضيش بتوع أصحاب الفرن ” على حد قولهم هم مشكلتهم الوحيدة بجانب رداءة رغيف الخبز .
فى جانب أخر من المخبز كانت تقف ” أم جورج ” تحدث نفسها فاقتربت منها وسألتها ماذا بك .. ؟ أجابتنى الطابور لا يسير وأنا لا أستطيع الوقوف ساعات كل يوم فعندى عملى وزوجى وأطفالى وبيتى وإن فكرت فى شراء الخبز السياحى فأنا أحتاج يومياً إلى حوالى عشرين رغيفاً أى أننى أحتاج يومياً إلى 5 جنيهات للخبز أى ما يعادل مائه وخمسون جنيهاً شهرياً للخبز فقط أى أنه لا كهرباء ولا مياه ولا تعليم ولا أكل ولا شرب ولا طبيب ولا أى شىء أخر فالله أعلم بالحال ,,, ابتعدت عنها فلم أدرى ماذا أجيبها وكل ما سمعته منها أعيشه ويعيشه معى  كثيرون , تركتها فى حيرتها وهى لا تزال تسأل نفسها نفس السؤال ” تقف بالساعات وتهدر وقتها أم تدفع المائه وخمسون جنيه شهرياً وتشترى الخبز السياحى بدون طوابير ووجع دماغ .. ؟ ” .
معاناه المواطنين اليوميه مع رغيف الخبز لا تنتهى , الطوابير طويله , والساعات طويلة , والشمس حارقة , أتسائل أين الرقابه المفروضه من وزارة التموين على المخابز .. ؟ ولماذا لا يتم تعيين مشرف من الوزارة على كل مخبز وطوابير العاطلين كثيرة أيضاً .. ؟!! … أعتقد أن الأمر يجب أن يعود إلى من يملك الأمر … نظرة ياوزارة التموين إلى طوابير الخبز التى يعيش فيها المصريون رحمكم الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق